رواية حقائب الذاكرة – شربل قطان 2

تململ في كرسيه ثم تابع: “زوجتي تقول دائماً “الياس مغرم بلبنان. و في الحقيقة أنا مغرم بفكرة لبنان الوطن، و سيأتي يوماً يصبح فيه وطناً، وبين هذا اليوم و ذاك، سترفع شعارات كثيرة و تصرف أموال و يدفن شباب.

أنهى سيجارته ثم قال: ” تتطور الأشياء عبر السنين، و تتقدم مع معطيات الواقع، إلا عندنا في لبنان. ما كتبته الأقلام منذ عشرات السنين مازال ينطبق على واقع و أحداث اليوم. أصبحت السياسة عندنا مثل الفن. أغنيات الحب مثلاً لا تتقيد بالوقت، تستمع اليوم إلى أغنية من السبعينيات فتحس كأنها تعنيك. و هكذا أصبحت السياسة اللبنانية فناً، و صار السياسيون كلهم فنانين.

رواية حقائب الذاكرة – شربل قطان

في فرنسا تملكني شعور واحد. الانفصال. كنت أقضي أيامي بين الدخان و القهوة و الكتابة في مقاهي باريس و شوارعها. تتضح الأشياء و أنت بعيد، تتضح بشكل كامل. صرت أكتب كل ساعات النهار و الليل، غدا هذا الكتاب مقدساً بالنسبة إلى… نافذة عبور إلى ما هو صالح و صادق و إنساني، يومها عرفت نفسي جيداً، و عرفت حاجاتي، كل ما أردت هو وطن آمن. ليس كثيراً أن يطلب الانسان ذلك، ليس كثيراً. أردت هذا البلد بلدي و هذه الأرض أرضي. و هذا من أبسط المتطلبات الانسانية . صرت أرى المأساة الفلسطينية أهون بكثير من مأساتنا. هم وطنهم مسلوب ، أما نحن فما هو عذرنا؟ تشتتهم له اسم و له جسم. بينما مأساتنا نحن، فمن صنع أيدينا.

في أدب الصداقة – مراسلات بين عبد الرحمن منيف و مروان قصاب باشي 2

إن أصعب رحلاتي النادرة هي دمشق حيث يعود الطفل الرجل إلى مدينته الأم، و قد أخذت دمشق طريقها كما أخذت طريقي، والمدينة لها قصة حياة كما للانسان. في دمشق أشعر بالحنان و الحب و الغربة أيضاً. و أعود إلى برلين غريباً من جديد. و ليست غربتي اليوم كغربة الأمس، الطفل، بل إنها غربة جديدة تبعدني عن الشواطئ المعتادة حيث يوجد الظل و نسمات الأمل و الفرحة. أحاول كل جهدي في الظروف المذكورة أن أكسب توازني من خلال الرسم و إذا لم أوفق حالاً، فإن صديقي هو الحزن و قليلاً من اليأس و القنوط و الشعور بالانعزال التام

في أدب الصداقة – مراسلات بين عبد الرحمن منيف و مروان قصاب باشي

يأتي الطوفان فيصير كل شئ ممكنا و تحذف كلمة مستحيل من القاموس. نوح جديد يطيح الاتكالية البليدة السائدة. رجل و امرأة تحدوهما الرغبة بالحب و الانجاب و العمل. يعمران الدنيا الجديدة حسب ذوقهما و يملآن الأرض عدلا بعد أن ملأها الناس جورا.

أين أنت أيها الطوفان العظيم؟

جاءنا الطوفان.

أخذ العربان يمتلكون زمام أمورهم. تشققت السدود و تمرد النهر. و بدأ الخراب الذي دونه الإعمار.

كلمات – صور : نور. ماء. دماء.

نحن “المحكومون بالأمل” ، نحن مرضى “الأمل الذي لا شفاء منه”، أكثر ما يحزّ في القلب أن لا يكون عبد الرحمن و الباهي و سعد الله معنا في هذا الطوفان، تحدونا معاً رغبة في إعادة تعمير هذه الدنيا العربية من جديد، و ملئها عدلاً و حرية و خبزا و مساواة.